المقالات
مقالات د. عبدالله الحريري
ماذا تجني من نشر غسيل الناس؟
ماذا تجني من نشر غسيل الناس؟
12-30-2011 08:21



خلال عملي الصحافي الذي تجاوز ربع قرن لم أعايش ما تعيشه الصحافة الورقية أو الإلكترونية من تدن في مستوى الطرح والمعالجة الإعلامية والتركيز على أمور لا تهم المجتمع بقدر ما تثير لديه سوء الظن والتجسس على الآخرين، وتجاوز حقوقهم وخصوصياتهم والتشهير بهم.
وبدأت تظهر الصحافة الصفراء أو صحف الإثارة التي تحظى بالانتشار وتداول محتواها بين قاعدة كبيرة من العامة وأيضا المثقفين، ونحن نعرف أن هذا النوع من الصحافة عادة يبني معلوماته على جزء من الحقيقة ثم يلعب في الباقي حسب دوافع سياسية أو عقائدية أو شخصية ويتناول أسرار الناس كنوع من التشهير والابتزاز بأنواعه المختلفة.
إن الصحافة عندما تصبح صحافة تشهير وسب وشتم وعدم مراعاة حقوق الناس ونفسياتهم ومشاعرهم بحجة الإثارة وزيادة المبيعات تخرج عن دورها الحقيقي كصحافة دقة وصحافة تقصي الخبر، بل قد تسهم في انتشار السطحية لدى الناس، وأيضا جنون التجسس على خصوصية الناس ودعم الغريزة البدائية لدى البشر في حب الاستطلاع على حساب تقدير الذات والانشغال بالدخول في تفاصيل حياة الناس الخاصة، بل إن كثيرا من القيم والأخلاقيات التي تعد من أسس حياتنا تصبح مجرد رموز غير مستهلكة أمام بروز الغيبة والنميمة والإفك والكذب على الآخرين، وتنمي ممارسة العدوانية بأشكال مختلفة والجرائم المعلوماتية ذات العلاقة بالأخلاقيات.
قبل أيام تناولت غالبية الصحف مخرجة مرتدية ثوبا في الطائف وصحف أخرى كل يوم تكتب إما عن سلوكيات رجال الهيئة وإما إنجازاتهم في القبض والدهم أو عن سياقة المرأة السيارة.. إلخ، وعندما تقرأ تعليقات الناس عليها تحبط من التأويلات والتفسيرات والمزايدات والسب وكل أنواع الأفكار والسلوكيات السلبية التي تعزز الكراهية والغضب والمشاحنات وتدهور الحوار الإيجابي، فهل هذه النتيجة التي نريدها من السلطة الرابعة؟!
ماذا يهم المجتمع وما المردود الإيجابي لهذه الأخبار؟ ولماذا نزج بالهيئة والمرأة في كل شيء؟ الهيئة جهاز حكومي يقوم بالدور المطلوب منه مثله مثل أي جهاز آخر، وهو مسؤول عن سلوكيات أعضائه وتطوير فعالياته وأدواته مثله مثل أي جهاز آخر، والمرأة وقيادتها السيارة قرار اجتماعي يخص المرأة، فهل من باب المهنة أجرينا دراسات واستطلاعات للرأي لنرى وجهة نظرها؟
إن جميع الصحف الورقية والإلكترونية لا يوجد فيها وحدات للدراسات والأبحاث ولديها كم هائل من المعلومات اليومية ولكن لا تحسن إدارتها وصياغتها صياغة إعلامية محترمة تخدم الناس وتزيد من ثقافتهم ومعارفهم، حتى الخبر الصحافي اليومي، أما أخبار وكالات أو إدارات علاقات عامة يفتقر للخبر المصنوع الذي يخدم الناس بقدر ما يخدم فئة من المسؤولين ويلمعهم.
أعتقد أن الصحافة بحاجة إلى ميثاق شرف إعلامي مهني وأخلاقي وحقوقي للتناغم مع السلطات الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية إذا أرادت أن يكون لها دور كسلطة رابعة تسهم في صناعة القرار والأنظمة والقوانين التي تخدم الإصلاحات الإيجابية في المجتمع.

www.aleqt.com/2009/02/09/article_194107.html

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 331


خدمات المحتوى


د. عبدالله الحريري
د. عبدالله الحريري

تقييم
1.00/10 (19 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.