المقالات
مقالات د. عبدالله الحريري
دائما مشغولون وكارهون للحياة !!
دائما مشغولون وكارهون للحياة !!
03-12-2014 12:07

إن أي واحد منا تتلاطمه الأمواج خلال مراحل عمره، ويمر بالكثير من الأحداث والمواقف المؤلمة والمزعجة والصادمة، وبالمقابل السعيدة والمفرحة، وهذه طبيعة الحياة، المزاج كترمومتر الحرارة، مرة يصعد ومرة يهبط، ولكن لن يقف عند خط واحد إلا إذا تلف.
نحن في خضم أي كارثة أو موقف أو أزمة يتوارى لنا ونعتقد بل قد نفقد الأمل ولا نتفاءل بأننا لن نخرج من هذه الأزمة وإنها نهاية الكون، ونفقد الصبر والحكمة والمنطقية والعقلانية، ونتوقع أن هذه المشكلة أو الحدث أو الأزمة لن تنحل، ثم ما تلبث أن تنحل بطريقة أو بأخرى، وقد تنحل بفعل الزمن، فلن يبقى أي حال كما كان عليه، ودوام الحال من المحال، والتاريخ يثبت لنا أن بيوتا ومجتمعات ودولا قسا عليها الزمن، وعانت من الظلم والاضطهاد والقسوة وقلة الحال والحيلة، ولكن من كانوا وراء ذلك ذهبوا وأصبحوا تاريخا بسيئاته وحسناته، ولو أعدنا الذاكرة للوراء وفكرنا فيما كنا نفكر فسنجد أنفسنا كنا أكثر قسوة على أنفسنا من القساة أنفسهم، وفي مرات قد وصلنا إلى مرحلة كره ذاتنا ولم نعطها من الحب ما يكفي.
اليوم الحياة أو نمط الحياة مقارنة بالماضي في المملكة أصبحت معقدة إلى حد ما، وأصبحت التحديات المعيشية أكثر تنوعا وتعددا ابتداء من الوظيفة والراتب إلى السكن وارتفاع تكاليف السلع، بالإضافة إلى دخول الكثير من العادات الاجتماعية الحديثة والمتطلبات الاستهلاكية كالجوالات ومصاريفها والعاملات المنزليات وثقافة السفر... إلخ. وجميعها الآن تمارس أنواعا مختلفة من الضغوط خاصة على رب الأسرة أو المسئول عن الخدمات وتجعله متوترا ومحبطا تغيب عنه الابتسامة إلا للمجاملات، وانعكس ذلك على صحته الجسدية فأصبح أكثر خوفا وقلقا على صحته من الأمراض المزمنة كالضغط والسكر، لأنه يرى من حوله يتساقطون في ظل رعاية صحية أولية منهجها حبة صباحا وحبة مساء وإلا شوف مستشفى أحسن.
يسرقنا الوقت وتخطفنا سلوكيات الحياة وعاداتها ونستهلك عواطفنا في الإحباط والقلق والاكتئاب وننسى أنفسنا ونعيش الأربع والعشرين ساعة مشغولين في ماذا لا اعلم، دائما مشغولون ومنشغلون، ونرد على الآخرين بنفس العبارة إلى درجة أننا صدقنا أننا مشغولون، حتى لو لم نجد الوقت والفرصة لنتحدث مع أنفسنا، لأن أفكارنا مشغولة في أمور إما أن تكون سخيفة أو في الآخرين أو في كيف نحيك الخطط ونميز ونصنف ونرد على الآخرين.
يجب أن نقف مع أنفسنا وقفة تأمل ومراجعة آخذين في عين الاعتبار أن عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء، وأن انشغالنا بتوافه الأمور وبالحديث عن الآخرين وتصفية الحسابات وإعادة نشر الشائعات والانغماس في السلبيات والإدمان على العادات الفكرية والسلوكية غير الصحية لن تنال إلا منا ومن ذاتنا وتدمر شخصياتنا وتقودنا للمرض.
يجب أن نقرر في أي وقت أن نبدأ طي الماضي ونبدأ من ساعة الحاضر والمستقبل باتخاذ قرار البداية ونقول لأنفسنا سنبدأ من هذه الساعة بالتغيير وإعادة هيكلة حياتنا.. المهم أن نتوقف عن عادات وسلوكيات وأفكار ما قبل تلك الساعة التي قررنا أن نبدأ منها، وأن نبدأ بما هو متاح وما هو في استطاعتنا، وإذا تراخينا أو فشلنا نكرر الطريقة ونبدأ مرة أخرى ونحاول التخلص من الأشياء التي لا لزوم لها حتى يخف الثقل عن كاهلنا وأن نكون بائعين لنشترى أنفسنا.


------------------------------------------------------------------------
لقراءة المقال من المصدر انقر على الرابط التالي
http://www.alyaum.com/News/art/125694.html

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 338


خدمات المحتوى


د. عبدالله الحريري
د. عبدالله الحريري

تقييم
1.01/10 (20 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.