المقالات
مقالات د. عبدالله الحريري
الدراما مستمرة بين الإنسانية والمادة!!
الدراما مستمرة بين الإنسانية والمادة!!
09-23-2014 12:39

شيء محير علاقة المال أو المادة كما يتعارف عليها في العلاقات الإنسانية، فعلى طول تجربتي في العلاج النفسي وجدت أن الجانب المادي بمفهومه العام والمال هو حجر الزاوية في تدهور العلاقات الإنسانية وبالذات الحميمية، ولربما لا نعول على العلاقات العامة أو علاقات العمل كونها أصلا مبنية على أنت تكسب وأنا اكسب أو ما بيننا... تعامل، ولكن اغلب تدهور أو انقطاع وفتور الخلافات الحميمية كالعلاقة بين الإخوان أو الأصدقاء والأزواج نجد أن العامل الرئيسي كان ماديا إما أمور لها علاقة بالإرث أو الدين والشراكة... إلخ. والمادة من نوع آخر كالرغبة، المهم موضوع الفلوس أصبح يخرب النفوس.

السؤال المطروح: لماذا يختار الإنسان المال أو المادة سواء فلوس أو جسد وما في حكمه من مادة على الصداقة والأخوة بالرغم من معتقداته الدينية والأخلاقية والقيمية التي تؤيد العلاقة الإنسانية؟، وهل مفهوم المال والمادة كوسيلة لاستمرار الحياة لم يعد مفهوما أو مفهوما غير قابل للتطبيق؟ ما علاقة الطمع المادي بالعلاقات الإنسانية والقناعة؟.

اليوم السعي المحموم وراء المادة وكأن الناس سيموتون من الجوع أدى إلى جمع أموال طائلة وتخزينها في البنوك وفي آخر المطاف تضخمت البنوك، وأصبحت أكثر جشعا وصارت تمارس نفس جشع وطمع الإنسان مع اخيه الإنسان بل من المدهش أن المستفيد من خزن تلك الأموال لم ولن يستفيد منه سوى البنك فأنت من يدفع رواتب العاملين في البنوك وأنت من تمول إنشاء وافتتاح الفروع وأنت من تربح مجالس إداراتها ومساهميها، أي بمعنى آخر وبعد حالة الطمع والجشع وقطع العلاقات والمشاحنات لن تخرج من المولد بحمص وكل ما في الأمر المبلغ الذي يجعلك تعيش ليومك من أكل وسكن وبعض الترفيه، وإذا كنت مريضا بأي مرض مزمن كالضغط والسكر ففي آخر المطاف ما عليك إلا الحمية وغيرك من يتمتع بتلك الفلوس.

طيب المعادلة في آخر المطاف توصلك إلى عدم الربح من تلك الأفعال والسلوكيات وستكون على حساب علاقاتك وقيمك الإنسانية والدينية والأخلاقية والطمع يذهب ما جمع.

ومع هذه القيم والحكم والتجارب غير السارة يستمر الإنسان غير القنوع في الكثير من الممارسات المعرفية والسلوكية التي تدخله في حالة من الصراع والتوتر واعتلال الجسد فقناعته وممارسته لمفهوم القناعة كنز لا يفنى يمر عليه مرور الكرام.

والغريب في الأمر أن المجتمعات الأكثر تدينا والتي لديها قيم إضافية كالأعراف والتقاليد الحميدة نجدها أكثر المجتمعات خلافا وصراعا على المادة وربما نجد أغلب القضايا في المحاكم تدور حول المادة والمال لأن فلانا أكل حق الورثة أو الأيتام أو نكر ما أخذه من الآخر من سلفة أو ضحك عليه وغشه في البيع.. الخ.. من الأمور المعروفة للجميع وعندما يمر الإنسان بمرض أو محنة أو قرب من الموت تذكر كل شيء وحاول الترقيع وكأننا نشاهد دراما نعرف نهايتها قبل أن نشاهدها... وبالمقابل المجتمعات المتحضرة والقنوعة تحرص كثيرا على العلاقات الإنسانية وأخلاقياتها على المادة فهل الثروة أيضا أصبحت تعمي النفوس وتشجعها على الجشع.

وينتقل مثل هذه الصراعات والقتل من الإنسان إلى الدول والجماعات وفي آخر المطاف لماذا لمجرد كسب مادي سواء ارض أو موارد أخرى، فعلا غريب هذا الإنسان الضعيف عندما يخدع نفسه ويعتقد أن القناعة ليست كنزا يبقى.


لقراءة المقال من المصدر انقر على الرابط التالي :
http://www.alyaum.com/article/4015098

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 375


خدمات المحتوى


د.عبد الله الحريري
د.عبد الله الحريري

تقييم
1.00/10 (20 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.