المقالات
مقالات د. عبدالله الحريري
المناطق.. الصندوق عندهم والمفتاح عند غيرهم!!
المناطق.. الصندوق عندهم والمفتاح عند غيرهم!!
10-02-2014 05:09

أسهل شيء هنا الاتكالية، و«زحلقة» الأمور على الآخرين والإسقاط على الأشخاص، وذوو الثقافة الكلامية أسهل شيء عليهم نقد الآخرين وأصعب شيء أمامهم تنفيذ الخطط والاستراتيجيات. وعندما يعتاد المجتمع على الاتكالية وعدم المشاركة في تحمل المسؤولية يتحول أفراده لأدوات أذية لأنفسهم وللآخرين؛ «لأنهم ما عندهم إلا الكلام الفاضي» والنقد والغرق ساعات طويلة من عمرهم اليومي في الحوارات السفسطائية والثرثرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي على مختلف أنواعها.

اليوم إذا أردنا أن تكون لدينا تنمية شاملة ومتوازية ومتوازنة فيجب أن نعيد هيكلة سياسات العمل والتنفيذ والتخلص من المركزية وقلب الهرم لصالح المناطق، وهذا يتطلب عقلية تؤمن باللامركزية، وبالتالي فإن ذلك يترتب عليه تفتيت الوزارات المركزية وعدم تضخيمها وتضخمها وأن تكون وزارات رقابة وتطبيق جودة وإشراف وتخطيط لصالح المناطق في المملكة، والتي بدورها ستتحول إلى مناطق تنفيذية تترجم حاجات ومتطلبات الناس والمواطنين المحليين إلى برامج ومشاريع على أرض الواقع؛ كونها الأقرب لمعرفة احتياجاتهم إلى جانب أن نظام المناطق في الأصل يشجع على ذلك.

اليوم أي مستشفى في أي منطقة من مناطق المملكة يستطيع إدارة نفسه بنفسه؛ لأنه وحدة إدارية متكاملة بداية من المدير حتى الخدمات، ولو افترضنا أن الوزارات أقفلت على سبيل المثال، يستطيع المستشفى أن يستمر ويقدم خدماته للناس بكفاءة، وأقرب مثال مستشفيات القطاع الخاص التي تستطيع أن تدير نفسها وتمول نفسها وتربح وتقدم خدمات فندقية لمرضاها، ويمكن لهذا المثال أن نطبقة مع بقية الإدارات التنفيذية في المناطق. حيث إن المناطق الآن متكاملة من ناحية النصاب الإداري..اليوم كل منطقة من مناطق المملكة يوجد بها حاكم إداري، وأيضا لكل محافظة مجلس، وكل منطقة من مناطق المملكة بها إدارات عامة للوزارات والمؤسسات الحكومية المركزية في العاصمة، وهذا يؤهلها عمليا ومنطقيا للقيام بزمام المبادرة وتحمل المسؤولية التنفيذية في إدارة شأنها المحلي، وخلق نوع من التنافس ما بين المناطق لاسيما أن لكل منطقة ميزات نسبية سواء صناعية أو اقتصادية أو سياحية أو خدمية وحتى دينية، وأغلب تلك الأمور لم تستغل الاستغلال الأمثل.

أغلب من يخطط ويتحمل المسؤولية عنهم بعيد عنهم وعن واقعهم واحتياجاتهم وأولوياتهم.

المشكلة الحقيقية ليست في الجانب الهيكلي أو توفر النصاب الإداري والموارد البشرية المؤهلة والأنظمة الإدارية الأخرى، ولكن المشكلة الحقيقية في الصلاحيات المالية، فوزارة المالية تعطي الوزارات المركزية الأموال «تعطيهم الصندوق وتضع فيه الفلوس ولكن المفتاح بيدها»، فليس هناك صلاحيات مالية تمكن تلك المناطق أن تقوم بدورها التنافسي والخدماتي والتنموي والتنفيذي. ومع الوقت، أصبح هناك نوع من ضعف تحمل المسؤولية التنفيذية وقذفها على الوزارات المركزية في العاصمة، والمثل يقول: "أنفخ يا شريم قال ما من براطم".

مناطق المملكة اليوم تستطيع إدارة نفسها بكفاءة عالية، والبحث عن موارد استثمارية وذاتية خارج نطاق الميزانية العامة للدولة، وخلق بيئة تنافسية. وتستطيع تلك المناطق أن تساهم في الناتج المحلي للدولة سواء من خلال تنفيذ وطرح الأفكار المبدعة وتنفيذها على أرض الواقع، وإيجاد بدائل اقتصادية غير النفط، إلى جانب ما يتبع ذلك من المزيد من الاستقرار الاجتماعي والأمني والشراكة والمشاركة لتلك المجتمعات المحلية في تحمل المسؤولية بناء على مناطقهم وتنميتها وتطويرها.

لمشاهدة المقال من المصدر أنقر الرابط التالي:
http://www.alyaum.com/article/4018114

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 340


خدمات المحتوى


د.عبد الله الحريري
د.عبد الله الحريري

تقييم
1.00/10 (21 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.