المقالات
مقالات د. عبدالله الحريري
مشاريع عملاقة يرافقها صمت مريب!!
مشاريع عملاقة يرافقها صمت مريب!!
10-18-2014 07:30

في جلسة مع بعض الأصدقاء، كان احدنا لتوه قد عاد من إجازة قضاها في بلد عربي، وكان يتحدث لنا عن رحلته وقد توقفت مليا عند كلماته وهو يتحدث عن مشروع تم في هذا البلد يتعلق بإنشاء مترو، توقفت أمام كلماته لأن حديثه كان مسهبا وطويلا عن هذا المشروع وكأنه فريد في العالم أو غير مسبوق. الذي كان يجهله هذا الصديق أن طول هذا المترو لم يتجاوز 9 كيلو مترات، وعندما سألته هل تعلم أنه تم في بلادك إنشاء طريق لقطار يتجاوز ألف كيلو متر، فتح فاه وكأنه لأول مرة يسمع بهذه المعلومة، زدته هل تعلم أنه سيتم خلال أقل من أربعة أشهر تشغيل تجريبي لهذا الخط والمخصص لنقل الركاب والبضائع، أضفت هل تعلم أن مشروع المترو الذي تتحدث عنه استغرق تنفيذه أكثر من ثمانية أعوام، بينما لدينا خطط لمد العاصمة ومدن أخرى بشبكة من المترو في فترة لا تزيد عن أربعة أعوام وقد بدأت الأعمال الإنشائية.

إذن ما الذي يحدث لمثل هذا الصديق عندما يسافر ويعود ويعظم منجزات ويتحدث عما شاهده في بلد قصي وينسى ما يتم في بلاده من عمل كبير في مختلف أرجاء المملكة لمشاريع حيوية وهامة وشاملة، تشمل البنية التحتية والمطارات وسكك الحديد والمترو والمدن الاقتصادية والمدن الطبية والمدن الجامعية والمدن التقنية فضلا عن الآلاف من الكيلو مترات من الطرق الحديثة.

السبب هو الفراغ المعلوماتي هو القصور التام والواضح في الحديث الإعلامي المهني الراقي المحترف عن منجزاتنا، وهذا الفراغ مع الأسف يجده المتربصون وضعاف النفوس والحاقدون فرصة لبث الشائعات والتقليل من كل منجز يتم على أرضنا الحبيبة.

نحن نعلم أن النفس البشرية تحتاج لنوع من التعزيز المستمر فالمواطن يسمع دوما عن ميزانيات غير مسبوقة لسنوات متوالية ولا يرى أو يسمع عن مخرجات تلك الميزانيات عندها قد يصاب بالإحباط واليأس وتصبح هناك أزمة ثقة مع مجتمعه ومع الوزارات المعنية.

إن الزمن الذي نرسل فيه مصورا يحمل كاميرا ليلتقط مجموعة من الصور للمشروع ثم بث مقاطع عن هذا المشروع مع موسيقى انتهى منذ فترة، وباتت الجهات المعنية بالإعلام ملزمة بصناعة أفلام وثائقية قصيرة ومباشرة وجذابة وتوزيعها على القنوات الفضائية خاصة في المناسبات الوطنية، بتنا ملزمين بابتكار وسائل وطرق جديدة وحديثة لإيصال صوتنا ومنجزاتنا للعالم، فأين نحن من شبكات التواصل الاجتماعي وأين الصور الثابتة المعبرة الاحترافية التي يمكن أن تبث على تويتر والفيسبوك والانستغرام وغيرها، ويتم إعادة بثها كل فترة من الزمن، أين الحديث عن كل مرحلة من مراحل المشروع خاصة المشاريع العملاقة؟. المبادرات الفردية لبعض الصحفيين وعمل تحقيقات عن مشروع ما ليست كافية ولا تفي بالانتشار المطلوب بين الناس سواء في الداخل أو الخارج، بل هي لا تتناسب مع حجم هذه المشاريع وعظمتها.

اليوم نحن بحاجة إلى صناعة ثقافة التسويق للمنجزات لإسعاد الناس ولإبراز المناخ والنمو الاقتصادي الممتاز، وهذا لن يأتي عن طريق أي وزارة بل يجب أن تؤسس الدولة لشركة حكومية معنية ومتخصصة بالعلاقات العامة والإعلام والعلامات الشبيهة بالتجارية للمعالم والمنجزات تتعاقد مع إمارات المناطق للتسويق وإبراز المنجزات النسبية لكل منطقة وان لا يقتصر التسويق والإشهار عندما يفتتح المنجز بل يواكبه منذ إنشائه وأثناء مراحل بنائه حتى لا يكون هناك فجوة بين زمن وضع حجر الأساس والتوثيق، وليس من المنطق- في ظل غياب هذه الثقافة المتحضرة التي تبرز المنجزات- أن نجعل الناس والمستثمرين والمخططين الاستراتيجيين في حالة من المفاجآت حيث يفاجئون أن هناك مشروعا يفتتح عبر وسائل الإعلام ولمدة دقائق ثم تختفي السيرة.


لقراءة المقال من المصدر انقر على الرابط التالي :
http://www.alyaum.com/article/4020590

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 337


خدمات المحتوى


د. عبدالله الحريري
د. عبدالله الحريري

تقييم
1.00/10 (22 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.