المقالات
مقالات د. عبدالله الحريري
الفوضويون أفراد يفضلون الفوضى على المواطنة!
الفوضويون أفراد يفضلون الفوضى على المواطنة!
10-23-2014 03:42

كما يبدو هناك لخبطة بين مفهوم الوطنية والمواطنة، وعلى ضوء ذلك حدث الكثير من التشوهات والممارسات السلوكية والمسلكية الفوضوية نتيجة عدم رسوخ ووضوح تلك المفاهيم وممارستها على أرض الواقع. اليوم هناك من يستهتر بتعليم حتى الاطفال ماذا يعني النشيد الوطني وماذا يعني العلم وماذا تعني الدولة وماذا تعني الحكومة وماذا يعني الوطن؟ والبعض أمام تلك الامور يتراخى ويعتبرها أمورا ثانوية ويتعالى عليها، ولو سألنا أحدهم ماذا يعني لك الوطن هل هو موقع جغرافي أم حفنة تراب أم هو أكبر من ذلك ليرقى لأمور سامية تنعكس على الكثير من الممارسات السلوكية، ومن يجهل مثل هذه المفاهيم يحاول التبرير وإسقاط جهله على الأمور الدينية وأن هناك مفاهيم الدين الإسلامي تتعارض مع حب الوطن.

طبعا نتائج مثل هذا التشويه والجهل بأهمية المواطنة والوطنية انعكس على الكثير من الممارسات السلوكية والمسلكية فالجاهلون بمثل تلك المفاهيم والمقاومون لها هم أناس يرحبون كثيرا بالفوضى في كافة سلوكيات حياتهم فيقطع الاشارة الضوئية المرورية ويعكس خط سير السيارات ويرمي من نافذة مركبته بعلب المرطبات وبقايا الاطعمة ويركب رصيف المشاة ويدمر المنجزات ويمارس الوان الفساد في الأرض، ولأن المواطنة والوطنية لا تتفق مع سلوكهم العبثي والطفولي فبالتأكيد لن يعتقدوا أو يرحبوا بها أو بأي نشاط أو سلوك يعززها في نفوسهم أو في نفوس أبنائهم وسيقدمون الكثير من التبريرات اللاشعورية.

ولن نذهب بعيدا عن الموضوع وأسوق مثالا بإحدى معلمات رياض الأطفال وهي مرحلة يمكن زرع أي قيم في روح وعقل الأطفال، حاولت هذه المعلمة التي تربت على أهمية الوطن وترسخ لديها مفهوم المواطنة والوطنية تعويد الأطفال على النشيد الوطني بجدية وثبات وان ينشدوا النشيد وهم ينظرون للعلم، فكانت محل تهكم وتندر من زميلاتها والاداريات، ومثال آخر عن مجموعة من الأشخاص لتوهم يخرجون من المسجد بعد أداء صلاة الجمعة، يندفعون لعكس سير السيارات ويقطعون الإشارة الضوئية وعندما تستنكر حتى ببوق السيارة تكون ردة فعلهم الشتم والسب لا الاعتذار والأسف، لا أعلم ماذا يعني لهم المسجد والعبادة؟!.. وهل هناك نوع من الانفصام الاجتماعي ما بين العبادة والسلوك؟ وكيف تأسس ذلك الانفصام؟ ومن رباهم على أن يكونوا انفصاميين؟

مثل هذه المظاهر السلوكية لم تأت من فراغ فبدون شك هناك خلل في المنظومة الأخلاقية والقيمية للأسرة والمدرسة والجامعة ومقر العمل ففي الغالب لا يوجد تأثير لتلك المؤسسات الهامة على تلك القيم ولم نلاحظ أن قيم المواطنة الصالحة والتي هي عبارة عن مبادئ سلوكية ومسلكية مغروسة في أذهان هؤلاء الفوضويين. اليوم نعاني في الشارع وفي المنتزهات وفي الأسواق وفي المرافق العامة وأصبحنا في حالة من الغضب والتوتر وضيق الخلق ولم تعد المدينة مصدرا للسعادة كل ذلك بسبب الخلل في تلك السلوكيات المرتبطة بقيم ومبادئ المواطنة الصالحة، أعتقد أنه لا يجب أن نعول على الوقت وعلى احتكاك أمثال هؤلاء الأفراد بالمجتمعات الأخرى حتى نصلح حالهم فأغلبهم سافر ودرس خارج البلد وكان مواطنا صالحا في تلك البلاد ثم عاد ورجعت حليمة لعادتها القديمة.. إذن الحل هو تطبيق القانون بصرامة والضرب بيد من حديد على الفوضويين في التعليم أو بقية مرافق الدولة وفي الشارع.

معتنقو السلوك الفوضوي أشخاص نرجسيون متركزون حول ذاتهم لا يؤمنون بالمسئولية والشراكة الاجتماعية بل يؤمنون بما تمليه عليهم أفكارهم من رغبات طفولية جامحة لا يستطيعون الوقوف أمامها وتكون ردة فعلهم اللجوء للفوضى لتغطية ذلك العجز لأنهم عاجزون عن مجاراة التحضر بإمكانياتهم البدائية.

لمشاهدة المقال من المصدر أنقر على الرابط التالي:
http://www.alyaum.com/article/4022245

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 502


خدمات المحتوى


د.عبد الله الحريري
د.عبد الله الحريري

تقييم
1.00/10 (22 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.