المقالات
مقالات د. عبدالله الحريري
«أشركة» الصحة.. التحول في المفهوم والإدارة والخدمة!!
«أشركة» الصحة.. التحول في المفهوم والإدارة والخدمة!!
11-24-2014 03:45

الدكتور غازي القصيبي -رحمه الله- في كتابه الشهير «حياة في الإدارة» يسرد نص حديث له مع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله-، يقول فيه: "ماذا أفعل بوزارة الصحة؟ اخترت لها أكفأ الرجال، ورصدت لها أضخم الاعتمادات، ومع ذلك لم تتحرك"!.. ومع الوقت أصبحت وزارة الصحة يطلق عليها محرقة الوزراء، الموضوع محير جدا فأين المشكلة بالتحديد؟.. طبعا المشكلة كما يعلمها الجميع يمكن إيجازها في أن المواطن غير راض عن الخدمات الصحية، ويجد صعوبة في الوصول للخدمة، مع علمه بأن القيادة تدفع الكثير؛ لكي تواكب الخدمات الصحية التنمية الشاملة للمملكة، وصولا لرضا المواطن وعافيته، وإذا حللنا مثل هذه الأمور بالمنظور الإداري، فإن النتائج غير المرضية وغير المقبولة للخدمات الصحية، هي نتيجة لعمليات سلوكية إدارية متداخلة من البيروقراطية والمركزية وسيطرة القناعات الفردية... إلخ. من الأمور الأخرى.

إذن المشكلة ليست في الدرجة الأولى في تمويل الخدمات الصحية، أو عدم وجود استراتيجيات، ولكن هناك أسبابا أخرى ساهمت في المشكلة، وهي: الترهل الإداري، عدم وضوح الرؤية والتعامل مع الواقع بمنطقية، ضعف صلاحيات المدراء التنفيذيين للشئون الصحية في المناطق، وأيضا مدراء المستشفيات. ومهما تعدد الوزراء ومهما كانت كفاءاتهم وخبراتهم، تستمر المشكلة إذا لم نخرج بحلول غير تقليدية.

في كتابي "كيف الحال" تحدثت عن تحول الدولة بالخروج من عباءة بيروقراطية الوزارات، إلى تأسيس هيئات وشركات حكومية، تأخذ على عاتقها إدارة الخدمات والفعاليات الحكومية الأخرى، بطريقة مبتكرة ومرنة وفعالة ومنتجة، وهناك هيئات وشركات حكومية كسبت الرهان، ونجحت مع أنها ورثت قوى عاملة وأفكارا فرضت عليها من باب أن الوظيفة الحكومية ضمان اجتماعي، وأن أمام أي هيكلة يجب ألا يتم الحديث عن الموظفين السابقين..

اليوم أرى أن الحل الذي يخرج الصحة من نفقها المظلم، أن نعيد هيكلتها فكرا ومضمونا وواقعا من الوضع القائم إلى وضع مختلف، يدار بطريقة مختلفة وغير تقليدية، بحيث تتحول إدارة جميع الخدمات التي تقدمها الصحة إلى مجموعة شركات حكومية، يختار لها من القيادات التنفيذية، وتحدد آليات عملها وقياس مخرجاتها بشكل سنوي، كحد أقصى، على أن تكون تلك الشركات على سبيل المثال لا الحصر شركة للتجهيزات الطبية وغير الطبية، وشركة للخدمات العلاجية، وشركة لخدمات الرعاية الصحية الأولية والوقاية والتوعية الصحية، وأخرى لخدمات الصيانة والنظافة.

ويمكن الاستفادة من الشركة القائمة للدواء والأجهزة "نبكو" على أن يكون هناك مجلس رقابي من المستشارين والمهنيين برئاسة معالي الوزير، كما يحدث في الشركات القابضة؛ لوضع السياسات والمعايير وما في حكمها والرقابة والمراقبة على تلك الشركات، وقياس مخرجاتها.

ربما يكون ذلك التصور أكثر التصورات إنقاذا وفعالية، لا سيما أنه يجب التأكيد على أن تكون النظرة هنا من النظرة التقليدية للمريض والمرض إلى الإنسان بصفته عميلا أو زبونا محترما يجب السعي لقبول رضاه وتقديم الخدمة له في الوقت والمكان المناسبين والجودة عالية.

وفكرة الشركات الحكومية إلى جانب ما تتمتع به من تسهيلات ومرونة في الحركة، واتخاذ القرار، فإنها أيضا سيكون بإمكانها الدخول للكثير من الاستثمارات التي تعزز الصحة والخدمات الصحية، وتقلل من الاعتماد على ميزانية الدولة، من خلال الإيرادات المتعددة، إلى جانب أنها تستطيع تمويل الخدمة بمرونة عالية سواء من خلال اختيار التأمين الصحي المناسب للمجتمع، الذي لا ينتزع من المواطن أي مميزات مكتسبة حاليا، بل يحقق الكثير من العدالة والتوزيع مع التوازن والمتوازي في الحصول على الخدمة. ناهيك عما قد تخلقه من حراك وتفاعل مع احتياجات المناطق وإماراتها ومجالسها.

لمشاهدة المقال من المصدر أنقر على الرابط التالي:
http://www.alyaum.com/article/4028492

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 442


خدمات المحتوى


د.عبد الله الحريري
د.عبد الله الحريري

تقييم
1.00/10 (21 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.