المقالات
مقالات د. عبدالله الحريري
ثقافة خلط عباس على دباس الإدارية!!
ثقافة خلط عباس على دباس الإدارية!!
03-05-2015 06:57

قد يعتقد البعض أن الفساد هو سرقة المال وتعيين الأقارب والواسطة والمحاباة...إلخ من الأمور المعروفة، ولكن في الحقيقة هناك أمور قد تكون أعظم تأثيرا وجسامة عندما يكون المسؤول أو الموظف صاحب السلطة .. متعافيا، وأقصد بالمسؤول أي موظف يملك الصلاحيات الإدارية والمالية والسلطة وقوة النظام.

اليوم إذا أردنا أن نصلح النظام الإداري ونعزز النزاهة فلا بد من إعادة البنية المعرفية للقيادات وصانعي القرار.. ما يشاهد على أرض الواقع أن صاحب المسؤولية يندفع في قراره بشخطة قلم أو بقناعات شخصية، أو من خلال معتقدات ذاتية ومحاكاة وإعجاب، وعلى ضوء ذلك تكون صناعة القرار واتخاذه أحيانا كارثيا وأثره على البلد قد يستمر لسنوات.. المسئول صاحب القرار غير المثقف الذي لديه ضعف في الرؤية والرسالة، ومستوى منخفض من الواقعية والمنطقية والعقلانية هو في الحقيقة مسئول كارثي، فهو لا ينظر أبعد من أنفه وقد يرتكب الكثير من الحماقات، ويندفع بشكل غير محسوب بمجرد أن يقال إنه فعل كذا لكي يبهر الآخرين ويقال إنه بطل. اليوم لا نجد لدينا معايير واضحة لقياس كفاءة هؤلاء الأشخاص وحكمتهم ومعرفتهم وقدراتهم على الحكم السليم، فالأخطاء غير المحسوبة والقرارات غير العاقلة والمتمركزة حول الذات، لا يمكن أن نقيسها بادوات مقننة لتحديد وتقييم أثرها الاجتماعي والاقتصادي والأمني، وعبر تاريخنا الإداري لم نتعود على مثل هذه التقييمات والمحاسبة، فكل ما لدينا إذا لم يعجبنا الشخص ركنه أو إعفاؤه أو نقله أو أن يستحي على وجهه ويقدم استقالته، ثم نبدأ مرحلة جديدة من إضاعة الوقت في الترميم وتصحيح الأخطاء وتدارك ما يمكن تداركه من آثار سلبية، نحن لا نعرف ولم نسمع من مسئول صاحب قرار قدم رؤية أو برنامجا مكتوبا وموثقا، يعكس فكره ومنهجه الاداري والتنموي، ثم يضع ذلك البرنامج للتقييم والنقاش والحوار كون تولي المنصب اليوم يسبق الأفكار، والخطط تلي ذلك، وبعد أن يمضي وقت في توسعة الصدر والتجارب على الناس يبدأ ينظر ويخطط، وبعضهم يركز على الشيل والحط في الناس، اعتقادا منه أنه صاحب خطة ورؤية.. إن غياب الثقافة العامة والإدارية والقانونية والسلوكية، يعني ببساطة متناهية فسح المجال لكل أنواع الفساد والتخبط الإداري، والذي نشاهد أحد ملامحه في التسرع وعدم النقاش بإلغاء جميع خطط المسئول الذي سبقه، والبدء من أول وجديد في إقرار ووضع اعتمادات ومصاريف واجتماعات ونزف مالي وإداري لوضع خطط جديدة، وكأننا نربط كل عمل بالاشخاص وليس بالمؤسسات، فيمضي عامان أو ثلاثة أو أربعة والوزارة أو الإدارة أو الجهة التي ينتظر منها المواطن خدمات وأعمال تنموية، تصب جميع جهودها في جوانب تخطيطية مختلفة ومهام إدارية لا فائدة منها سوى تكرار ممزوج بالعاطفة وليس العقل. وهذا نوع فادح من الفساد يجب أن يعالج ويتم النظر له.

إذا اخذنا الموضوع من باب النزاهة، فالمفترض من أي شخص يولى على مسؤولية أن يكون صادقا مع نفسه وصاحب مبدأ اخلاقي وقيمي، فإذا رحمته يد القانون والمحاسبة فالتاريخ لن يرحمه ولن يشعر براحة الضمير وسيكون في مواجهة مع ذاته قبل كل شيء، والافراط في الثقة مقابل الضحالة في المعرفة وقلة الوعي وإدراك الواقع يعد نوعا من عدم الاستبصار الذي ينبئ بواقع المعاناة الشخصية ومستوى التوافق والصحة النفسية لدى صاحبها.

اليوم هناك من أصحاب الصلاحيات والقرار من يخلط ما بين الأنظمة والقوانين والقرارات والتعاميم وبين الصلاحيات والارتباطات التنظيمية وبين الخطة السنوية والإستراتيجية. والغالبية لا تعرف ماذا يعني مصطلح توجيه أو مرسوم او قرار، والفرق ما بين هيئة ووزارة او مجلس وما هي الاختصاصات والمهام؟. وهناك من لا يقرأ ويفرق ما بين نظام الخدمة المدنية ونظام العمل والعدالة والمساواة والفروق الفردية والاستقطاب، وبين بدل السكن وتعويض سكن وبين الحق المكتسب بالعلاج المجاني والتعليم وبين التأمين الصحي التجاري، وهناك كم كبير من أصحاب وصناع القرار من لم يقرأ بين السطور الأنظمة الأساسية للحكم، وأيضا ماذا تعني بشكل تفسيري اختصاصات الجهة التي يترأسها.. إلخ.

لمشاهدة المقال من المصدر أضغط على الرابط التالي:
http://www.alyaum.com/article/4048336

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 351


خدمات المحتوى


د.عبد الله الحريري
د.عبد الله الحريري

تقييم
1.00/10 (23 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.