المقالات
مقالات د. عبدالله الحريري
الإنسان ما بين نسبية العدالة والإنسانية!!
الإنسان ما بين نسبية العدالة والإنسانية!!
08-31-2015 11:11

في المجتمعات الأكثر إنسانية وحضارة أصبحت إنسانية الإنسان هي المعيار الذي يتنافسون للوصول إليه وتحقيقه كون الشخص مجرد كونه إنسانا فإنه يستحق الاحترام والحرية والكرامة والرفاهية، لذلك كانت القوانين والأحكام القضائية تدور في هذا الفلك من الإحساس والإيمان بالإنسان وان الجميع يخطئون في مراحل ومواقف من حياتهم فمنهم من تحميه قوى معينة وآخرون يحميهم الجاه والواسطة والنزاهة ومنهم من يفلت ويستر الله عليه ومنهم من يستر عليهم العقلاء والحكماء من منطلق العفو عند المقدرة ومن لديه ظهر قبيلة فستدفع الملايين حتى يخرج، وفئة من المجتمع تدخل السجن ويطبق عليها القانون بحذافيره ليخرج إنسانا محطما محبطا كارها للحياة والمجتمع لاسيما أن مستقبله الوظيفي والاجتماعي أصبح منهارا.

اليوم مادام أن العدل عملية نسبية ومتفاوتة ولا يمكن تطبيق مبدأ المساواة على الجميع وأن من طبيعة الإنسان الخطأ والصواب سواء في الفعل أو في الحكم على الأمور وأن الإنسان غير معصوم من الأخطاء وأن هناك نزعات وشهوات وميولا قد لا تكون مقبولة أو غير مستحبة واستدراجا واستغواء مخططا له أو غير مخطط له مع وجود أساليب للإثارة والاستشارة عبر وسائل التواصل فإنه من باب أولى أن نقف موقفا شجاعا وإنسانيا تجاه إعادة النظر في أساليب العقاب والأحكام ومستوى الصلاحيات والحقوق في القبض والتحقيق والحكم لدى كل مؤسسات الدولة ودراسة وتحليل محاولة ملء السجون وتدمير مستقبل أفراد من المجتمع نتيجة سلوكيات ومسلكيات طائشة وشبابية يمكن إصلاحها عبر وسائل الإرشاد النفسي والاجتماعي والأحكام البديلة.

هناك معادلة طردية تقول إذا غاب الدور الوقائي والإصلاحي وعقلانية وإنسانية النظرة إلى السلوكيات البشرية وجعل من يحكم ويطبق القوانين على الناس فئة من المجتمع ترى أن ما تقوم به هو الصح من منظور فكري فإن أي بلد ستتجه نحو فتح المزيد من السجون وهذا التحول ضد الحريات والحقوق الإنسانية ستكون نتائجه في المستقبل تخريج فئة من المجتمع لديها الرغبة العدوانية المتطرفة في كل الاتجاهات سواء أكانت داعشية أو عكسها، وهذه الحالة من التجاوزات ليست صحية.

اليوم أمام الدولة والمجتمع عبء ومسئولية نحو قضايا أكبر إلحاحا وأهمية من القضايا المسلكية والمظاهر السلوكية لدى الشباب والحكم على النوايا والنزوات فهذه الأخيرة تحتاج إلى سعة بال وحكمة وبعد نظر لاسيما أن المسئولية ليست على الشخص فالدولة والمجتمع والأسرة والمدرسة أيضا شركاء في أي فعل غير مقبول يقوم به أي فرد، وكما اشرت في أول المقالة إلى أهمية إنسانية الإنسان وكرامته وأن السجن كان في الماضي وسيلة عقاب ثم تحول إلى إصلاح ولكنه في جميع الأحوال أسوأ بيئة عدوى للأمراض الجسمية والفكرية والنفسية والاجتماعية ولم يعد حلا إلا لفئة من الأشخاص المضادين للمجتمع ومرتكبي الجرائم الكبيرة والخطيرة.

اعتقد يجب أن نكون أكثر حكمة ورؤية ومنطقية وعقلانية في الحكم على الأشخاص بأحكام قاسية لا تراعي الآثار الإنسانية والاجتماعية والمستقبلية المترتبة من ذلك فإننا نؤكد على ما طرحناه في مقالات وكتب من الحد من العقاب بالسجن واستبداله بالعقوبات البديلة والمالية واستحداث بدائل تعزيرية تواكب العصر وتعدل السلوك ويمكن توفير قائمة استرشادية مقننة من تلك العقوبات للقضاة، لنضع أمام أعيننا بحكمة وعقلانية الحقيقة بأن الانسان إذا فقد إنسانيته وكرامته وحريته فلن يكون إنسانا ولا مواطنا صالحا.

لمشاهدة المقال من المصدر أضغط على الرابط التالي:
-------------------------------------------------------------
http://www.alyaum.com/article/4073964

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 2624


خدمات المحتوى


د.عبد الله الحريري
د.عبد الله الحريري

تقييم
1.51/10 (47 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.